الاخبارمحلية

غياب الصوت الشيعي في صناديق الاقتراع.. هل المقاطعة تُسقط النظام أم تُعيد تدويره؟

الناخب الشيعي والمقاطعة.. من يملأ الفراغ حين يصمت الجمهور الأكبر؟

مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة في العراق، يعود إلى الواجهة سؤال جوهري يتردد في أذهان الكثير من أبناء الجنوب والوسط: هل نُشارك، أم نقاطع؟ وهل المقاطعة فعل احتجاج حقيقي، أم خدمة غير مقصودة للقوى التي نرفضها؟

في التجارب الانتخابية السابقة، شهدنا تدنّيًا لافتًا في نسبة مشاركة أبناء المكوّن الشيعي، وهو ما فتح الباب واسعًا أمام صعود قوى قد لا تمثّل هذا الجمهور، لا سياسيًا ولا اجتماعيًا. ورغم أن دوافع المقاطعة مفهومة في سياق تراجع الأداء الخدمي والسياسي، إلا أن النتائج كانت عكسية تمامًا.


الفراغ لا يبقى فارغًا

حين يقاطع الجمهور الأكبر صناديق الاقتراع، فإن النتائج لا تتوقف، بل تأتي بأقلية منظمة، تعرف كيف تعبّئ جمهورها، وتستخدم غياب الآخرين لصالحها. وهنا، يتحوّل البرلمان إلى انعكاس غير دقيق للإرادة الشعبية، وتُعاد إنتاج نفس الوجوه، وأحيانًا بأسوأ منها.

ولم يكن غريبًا أن نرى بعض المرشحين يدخلون البرلمان بأصوات لا تتجاوز 3 أو 4 آلاف صوت، فقط لأن الأكثرية قررت الصمت. وفي هكذا نظام انتخابي، فإن كل صوت يصنع فرقًا، وكل مقعد برلماني يُترجم إلى قرار سياسي وتشريعي يخصّ حياة الناس اليومية.


الوعي السياسي لا يُقاس بالمقاطعة

يرى البعض أن الامتناع عن التصويت هو شكل من أشكال الاحتجاج الواعي. لكن الواقع العراقي المعقّد يُظهر أن هذا النوع من الاحتجاج لا يزعج القوى التقليدية، بل يُريحها. لأن غياب المنافس، مهما كان صغيرًا، يمنح فرصة للعودة إلى المشهد دون مقاومة.

وبينما خسر بعض المستقلين فرصتهم بسبب تشتّت الأصوات، بقيت قوى تملك التنظيم والخبرة والتواصل الجماهيري حاضرة بقوة، لأنها تدرك أن السياسة تُدار بالأرقام، لا بالشعارات.


إشارات لا يمكن تجاهلها

من الضروري أن نُسلّط الضوء على أن بعض القوى السياسية التي واجهت ظروفًا قاسية من الحملات الإعلامية والتشويه، بقيت محافظة على حضورها، لأنها لم تراهن على انفعالات الشارع، بل على خطاب عقلاني، ومشروع دولة، وموقف وطني واضح من السيادة والاستقرار.

هذه القوى، التي لا تحتاج إلى ذكرها بالاسم، أثبتت أن العمل السياسي ليس ردة فعل، بل موقف ثابت. ورغم التحديات، حافظت على خطاب مسؤول، ولم تتورط في فوضى الشعارات أو نزعة كسر الدولة، بل رفعت سقف المطالب دون الخروج عن القانون أو السياق الوطني.


الرسالة الأخيرة: لا تترك صوتك لغيرك

إن المعركة الانتخابية القادمة ليست فقط بين مرشحين، بل بين تيارين:

تيار يريد إصلاح النظام من داخله، ويؤمن بالمؤسسات والدولة.

وتيار يُفضّل كسر اللعبة كلها، حتى لو احترق الجميع في الطريق.

الناخب الشيعي، بتاريخه ووعيه وثقله، لا يمكن أن يظلّ في الهامش. صوته هو صمام الأمان، ومفتاح التغيير. وإذا لم يذهب لصناديق الاقتراع، سيجد نفسه محاصرًا بقرارات لا تُمثّله، وسلطة لا تشبهه، ومشاريع لا تُعبّر عنه.

المقاطعة ليست دائمًا عصيانًا. أحيانًا تكون استسلامًا ناعمًا، وثمنه يُدفع لاحقًا من كرامة المواطن وحاضره ومستقبل أبنائه.


فهل نُشارك ونُغيّر، أم نُقاطع وننتظر من يقرّر عنا؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى