الاخبارعالمية
أخر الأخبار

خامنئي يرشّح ثلاثة من كبار رجال الدين لخلافته

إيران تستعد لمرحلة ما بعد المرشد وسط تصاعد التهديدات الإقليمية

في خضم واحدة من أكثر الفترات توتراً في تاريخ الشرق الأوسط، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن خطوة غير مسبوقة داخل النظام الإيراني: المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، وضع إطاراً منظّماً لاختيار خليفته في حال وفاته المفاجئة
لكن خلف هذا الإعلان، يقرأ كثيرون رسالة أعمق من مجرد ترتيبات داخلية — إنها خطوة تعبّر عن حسابات دقيقة لضمان استقرار إيران واستمرار نهجها السياسي والعقائدي وسط تصاعد الضغوط والتهديدات الخارجية.


انتقال منظم لا فراغ في القيادة

بحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر إيرانية مطلعة، فإن الهدف من تلك الخطوة هو تجنّب أي فراغ سياسي أو اضطراب داخلي قد تسعى القوى المعادية لاستغلاله
فخامنئي، الذي واجه على مدى عقود أعنف أشكال الحصار والعقوبات، يبدو مصمماً اليوم على أن يترك بعده نظاماً محكماً لا يتصدع برحيله

وينص الدستور الإيراني على أن مجلس خبراء القيادة — وهو هيئة دينية مؤلفة من 88 عالماً — هو الجهة المخوّلة باختيار خليفة المرشد، وهي الآلية نفسها التي أتت بخامنئي إلى موقع القيادة عام 1989 بعد وفاة الإمام الخميني


الابتعاد عن الوراثة… تأكيد على مبدأ الثورة

ورغم أن الأسماء الثلاثة التي رشّحها خامنئي بقيت طي الكتمان، إلا أن اللافت هو استبعاد نجله مجتبى خامنئي من القائمة المتداولة، في رسالة واضحة إلى الداخل الإيراني بأن القيادة ليست إرثاً عائلياً، بل مسؤولية شرعية وسياسية
هذه الخطوة — وفق محللين — تعزز صورة خامنئي كزعيم يفكر بمؤسسات الدولة لا بمصالح العائلة، وتؤكد أن الثورة التي حماها لأربعة عقود قادرة على حماية نفسها من الداخل


تصعيد خارجي يقابله ثبات داخلي

تزامن هذا الكشف مع تصريحات استفزازية من قادة إسرائيل والولايات المتحدة
فقد كتب دونالد ترامب على منصته “تروث سوشيال”:نعرف تماماً أين يختبئ المرشد الأعلى… لكنه آمن هناك على الأقل الآن
فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن وفاة خامنئي “ستنهي الصراع لا تصعّده

ورغم وضوح التهديد، لم يأتِ الرد الإيراني بانفعال أو خطاب عاطفي؛ بل التزمت طهران نهجها الهادئ، القائم على حسابات القوة لا ردود الأفعال — وهو ما يعكس بصمة خامنئي في إدارة الأزمات، حيث يُحافظ على توازن الداخل رغم الضجيج الخارجي.


طهران تستعد… لا تخاف

تشير تقارير الصحيفة إلى أن كبار القادة الإيرانيين وضعوا سيناريوهات متعددة لأي طارئ، سواء تصاعد الحرب أو غياب القيادة
ورغم ما تعرض له بعض المسؤولين من استهداف، فإن سلسلة القيادة ما زالت تعمل بانضباط مدهش
المصادر ذاتها أكدت أن خامنئي رفض خطة إسرائيلية مزعومة لاغتياله، واتخذ إجراءات أمنية دقيقة للحد من تحركاته — لا خوفاً، بل حفاظاً على استمرارية القرار الوطني


من هم المرشحون؟

من بين الأسماء التي تُتداول في الأوساط السياسية والدينية

صادق آملي لاريجاني: أحد أبرز الشخصيات الدينية، شغل منصب رئيس السلطة القضائية، ويملك علاقات قوية داخل الحرس الثوري.

أحمد خاتمي: عضو مجلس خبراء القيادة، معروف بخطابه الصارم وولائه العميق لنهج الثورة.

مجتبى خامنئي: رغم استبعاده الرسمي، يبقى اسمه حاضراً بقوة في الأوساط القيادية، بفضل نفوذه داخل المؤسسات الدينية والإعلامية.

لكنّ مراقبين يرون أن القضية ليست في الاسم بل في النهج  فالمؤسسات التي بناها خامنئي قادرة على إنتاج قيادة جديدة من رحم النظام نفسه


مرحلة ما بعد خامنئي… استمرار لا نهاية

يتفق المراقبون على أن ما يحدث اليوم لا يشير إلى ضعف النظام، بل إلى نضوجه السياسي وقدرته على التخطيط لما بعد الزعيم من دون انهيار الدولة
فخامنئي، الذي رسّخ مفهوم “ولاية الفقيه” بمضمون عصري ومؤسسي، يبدو أنه أعدّ الأرضية لمرحلة انتقالية آمنة، تضمن استمرار الخط الثوري حتى بعد غيابه الجسدي


مواقف دولية متباينة

قوبلت هذه التطورات بتفاعل دولي واسع؛ فبينما رأت بعض الصحف الغربية أن الخطوة تعكس “قلقاً داخلياً”، اعتبرت روسيا والصين أن استقرار إيران ضرورة استراتيجية لمنع تفجر الأوضاع في الخليج
أما الاتحاد الأوروبي فتبنّى موقفاً حذراً، داعياً إلى انتقال منظم وهادئ للسلطة عند الحاجة

في المقابل، يرى محللون أن إسرائيل تحاول استغلال هذا التوقيت لتكثيف الضغط العسكري والسياسي، بينما تواصل طهران إدارة اللعبة ببرودة أعصاب لافتة — وكأنها ترد على التهديد بالفعل لا بالكلام


قائد يفكر بزمن غير زمنه

في النهاية، قد يكون من السهل الحديث عن “خليفة خامنئي”، لكن الأصعب هو تجاهل أن الرجل ما زال يمسك بخيوط المشهد الإقليمي والدولي بثبات نادر
فترتيباته لخلافته ليست دليلاً على نهايته، بل على قائدٍ يفكر بما بعد وجوده، ليضمن أن تبقى الدولة قائمة كما أرادها: قوية، صامدة، وغير قابلة للابتزاز

المصدر: نيويورك تايمز – وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى