الاخبارعربية

من الفضاء إلى الأرض… صور الأقمار تكشف الفظائع في الفاشر..المدينة التي تحولت إلى مقبرة مفتوحة

 

مدينة الفاشر في إقليم دارفور بالسودان لم تعد كما كانت، فوفقًا لتحليل جديد من مختبر أبحاث تابع لجامعة ييل الأمريكية، تحولت المدينة إلى ما يشبه مقبرة ضخمة، يمكن رؤية ملامحها حتى من الفضاء. صور حديثة التقطتها أقمار “ماكسار” الصناعية خلال اليومين الماضيين أظهرت مشاهد مروعة لبقع دم واسعة وأكوام من الجثث المرصوصة قرب عربات عسكرية ومواقع يُعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع.

الصور التي نشرتها الجامعة وراجعتها جهات تحقيق مستقلة كشفت عن حجم كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ أظهرت تجمعات بشرية ميتة بأعداد ضخمة، وتطابق تام تقريبًا مع متوسط أحجام الأجسام البشرية، إلى جانب انتشار مركبات عسكرية وسواتر ترابية تحاصر المدينة من جميع الاتجاهات.

وفي الوقت نفسه، نشر حاكم ولاية دارفور، مني أركو مناوي، تغريدة على منصة “إكس” قال فيها إن أكثر من 460 مريضًا ومصابًا تمت تصفيتهم بالرصاص داخل المستشفى السعودي بمدينة الفاشر، مؤكدًا أن قوات الدعم السريع اقتحمت المستشفى وأطلقت النار على المرضى دون تمييز، بينهم نساء وأطفال وشيوخ.

شهود عيان وصفوا المشهد بأنه “جحيم مفتوح”، مؤكدين أن من تبقى داخل المدينة عالقون تحت الحصار، بعدما أغلقت قوات الدعم السريع جميع المداخل والشوارع الرئيسية بالسواتر الترابية والعربات المسلحة، مانعة المدنيين من الهروب. التقارير الواردة من هناك تتحدث عن عمليات تصفية “من منزل إلى منزل”، حيث يتم اقتحام البيوت وقتل سكانها وسحب الجثث إلى الشوارع لتتكدس تحت الشمس.

وبحسب مصادر محلية ودولية، فإن ما يجري في الفاشر لا يمكن وصفه بمجرد “قتال أهلي”، بل هو حملة منظمة تستهدف تغيير التركيبة السكانية في الإقليم. وتشير التقارير إلى أن قوات الدعم السريع تضم مقاتلين أجانب من أكثر من 20 دولة، جرى استقطابهم عبر الإغراءات المالية والذهب المستخرج من مناجم دارفور، إلى جانب الدعم المالي الخارجي الذي يتلقاه قائدهم محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

الهدف من هذه العمليات، بحسب محللين سودانيين، هو إحداث تغيير ديموغرافي شامل عبر تهجير أو إبادة السكان المنتمين للقبائل الإفريقية غير العربية، والسيطرة على أراضيهم تمهيدًا لمخطط أكبر يستهدف تقسيم السودان.

وفي خضم هذه التقارير، برز اسم الفاتح عبد الله إدريس، المعروف بلقب “أبو لولو”، وهو أحد قادة الدعم السريع برتبة عميد، وُصف بأنه “سفاح القرن” بعد ظهوره في مقاطع مصوّرة يتباهى فيها بقتل مئات المدنيين بيده، ويعلن أنه “يتحدى نفسه لقتل ألفي شخص في يوم واحد”.

المنظمات الحقوقية الدولية طالبت بفتح تحقيق عاجل، فيما دعت منظمات إنسانية إلى تأمين ممرات آمنة للمدنيين العالقين. الأمم المتحدة بدورها أعربت عن قلقها البالغ إزاء التقارير الواردة من دارفور، مؤكدة أن ما يجري في الفاشر قد يرقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية.

صور الأقمار الصناعية، الشهادات الميدانية، والتصريحات الرسمية، جميعها ترسم صورة واحدة: مدينة محاصرة، ومدنيون يُقتلون بالجملة، ومقابر تمتد على مساحة مدينة كاملة تُرى من السماء.

تحليل – الفاشر بين الصمت الدولي وصرخة الأرض
ما يحدث في الفاشر ليس مجرد مأساة عابرة في حرب طويلة، بل اختبار حقيقي لضمير العالم. فحين تُرى الجثث من الفضاء، وتُوثق الجرائم في وضح النهار، يصبح الصمت تواطؤًا، والتأخير في التدخل مشاركة غير مباشرة في الإبادة. دارفور اليوم أمام لحظة حاسمة؛ إمّا أن يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذ من تبقى، أو أن تُضاف الفاشر إلى سجل المدن التي سقطت مرتين: مرة تحت النار، ومرة تحت صمت العالم.

Bplus – صوت الحقيقة والمسؤولية
موقع منصة Bplus يدعو المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية إلى التحرك العاجل لوقف ما يجري في الفاشر، وحماية المدنيين من دوامة القتل والحصار، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات. كما يجدد الموقع دعوته للإعلام العالمي لتحمل مسؤوليته الأخلاقية في نقل الحقيقة كما هي، لأن تجاهل المأساة لا يلغيها، بل يمنحها مساحة أكبر للاستمرار في الظلام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى