صحة ومجتمعمحلية

الأزمة الكبيرة في الرعاية الصحية..هل نُواجه أسبوعًا بدون عمليات جراحية في السليمانية؟

 


في ظل أوضاع اقتصادية متردية وضغوط متزايدة على الميزانيات الصحية، يخرج إلى السطح خبر صادم: “مدير عام صحة السليمانية سيتم إيقاف جميع العمليات الجراحية في المستشفيات العامة الأسبوع المقبل بسبب نقص التمويل.”
إذا كان الخبر صحيحًا، فسنكون أمام كارثة صحية حقيقية تؤثر على آلاف المرضى وأسرهم.

خلال السنوات الماضية تم رصد حالات متكررة من نقص الأدوية والمعدات الطبية في السليمانية، الأمر الذي أدى إلى توقف بعض الخدمات أو تأجيلها. كما تشير تقارير عديدة إلى وجود تأخيرات في دفع مستحقات شركات الأدوية والموردين، وهو ما يزيد من تأزم الوضع الصحي. وتعتمد المستشفيات العامة بشكل أساسي على الدعم المالي من الحكومة الإقليمية والفيدرالية، وغالبًا ما تواجه صعوبات عندما تتأخر تلك الميزانيات أو تنحسر الإيرادات الصحية.

العواقب المحتملة لمثل هذا القرار بالغة الخطورة. حياة المرضى ستكون مهددة، فهناك حالات الأورام والقلب والحوادث والإجهاضات الطارئة التي تحتاج إلى تدخل جراحي عاجل، وتأجيلها يعني مضاعفات خطيرة وربما فقدان الأرواح. الأوضاع النفسية والاجتماعية ستزداد سوءًا أيضًا، إذ قد يضطر المرضى إلى الانتظار لأسابيع أو شهور، فيما تتحمل الأسر أعباء إضافية إذا لجأت إلى المستشفيات الخاصة أو اضطرت للسفر إلى أماكن بعيدة.

مثل هذه الأزمة ستؤدي إلى فقدان الثقة في المستشفيات العامة، فإذا عجزت عن تقديم خدماتها الأساسية سيلجأ الناس إلى القطاع الخاص إن استطاعوا، وهو ما يعمّق الفجوة الطبقية. كما ستكون هناك انعكاسات اقتصادية واسعة، فالمصابون الذين لا يتلقون العلاج قد يتحولون إلى عبء على أسرهم وعلى المجتمع، نتيجة الغياب عن العمل والحاجة إلى رعاية طويلة المدى وتكاليف إضافية للنقل والعلاج خارج المحافظة.

في مواجهة هذا الوضع، تبرز الحاجة الملحّة للتحقق من صحة الخبر رسميًا من وزارة الصحة أو مديرية صحة السليمانية، مع ضرورة توضيح ما إذا كان القرار يشمل جميع العمليات أم فقط بعض الحالات غير الطارئة. من المهم أيضًا أن يتم تنظيم الأولويات بحيث تُعطى الأولوية للحالات الطارئة، مع تأجيل ما يمكن تأجيله لتخفيف الضغط. البحث عن تمويل مستدام يمثل ضرورة عاجلة، سواء عبر الشراكات المحلية والدولية أو من خلال إعادة تخصيص الموارد الحكومية. كما يجب مراقبة الأرقام المالية بجدية أكبر، بما في ذلك الميزانيات المخصصة للصحة وحجم الديون المتراكمة وتأثيرها على استمرارية تقديم الخدمات.

إن أزمة بهذا الحجم ليست مجرد مشكلة صحية، بل اختبار حقيقي لشفافية المؤسسات، وللقدرة على حماية حق أساسي من حقوق الإنسان الحق في العلاج.


 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى