محلية

صورة أكبر من مضمونها

لقاء السوداني وترامب… مشهد رمزي لا يخلو من رسائل شخصية

في قمة شرم الشيخ للسلام، ظهر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى جانب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مشهدٍ مدروس بعناية. الصورة حملت الكثير من الرمزية: وقوفٌ بندّية، إيماءة إبهام مرفوع، نظرات واثقة… وكأن الرجل يقدّم نفسه على المسرح الدولي بوصفه الزعيم القادم.

لكن تفكيك المشهد بهدوء يكشف أنه حمل من الرمزية أكثر مما حمل من السياسة.

فلا إعلان عن موقف جديد، ولا نتائج سياسية ملموسة، ولا طرح يوازي حجم المسرح الذي اختاره السوداني.

وكأن السياسة الخارجية تُختصر في صورة مصقولة، تُستخدم لبناء سردية “الرجل القوي” في الداخل، بينما تظل ملفات العراق المعقدة تبحث عن حلول حقيقية.

الأسلوب هذا يختلف عن نهج قادةٍ سابقين  بعد عام 2006 فضّلوا تثبيت حضورهم من خلال المواقف والأفعال لا اللقطات.

في مراحل مضت، كانت بغداد ترسل رسائلها إلى العواصم الكبرى عبر خطوات مدروسة ومواقف صلبة، لا عبر صور عابرة على هامش المؤتمرات.

الندّية آنذاك كانت تُبنى بتراكم التجربة السياسية والحنكة، لا برمزية اللحظة.

يحاول السوداني أن يرسم لنفسه ملامح “الزعيم المقبل”، لكن الطريق إلى الزعامة لا يُعبد بالإيماءات وحدها. فالمشهد الدولي لا يمنح الألقاب مجانًا، بل لمن يملك أوراق القوة الحقيقية، والقدرة على إدارة الملفات الشائكة داخليًا وخارجيًا.

أما الصورة، مهما كانت محكمة، فتظل مرآة مؤقتة لا تعكس عمق الأداء السياسي.

ربما أراد السوداني أن يوجّه رسائل متعددة من لقائه بترامب، لكن الرسالة التي وصلت، على نحو غير مقصود، هي أن الطموح الشخصي بدأ يتقدّم على المضمون السياسي. وفي عراقٍ مثقلٍ بالتحديات، تبقى الرمزية وحدها عاجزة عن لعب دور الفعل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى