محلية

الهدنة بدأت

بنود( اتفاق غزة) تفتح باباً لسلامٍ مشروط وغامض

بهدوءٍ حذر، دخل اتفاق الهدنة حيّز التنفيذ ظهر اليوم، لتبدأ معه مرحلة جديدة من الأحداث السياسية والعسكرية في المنطقة. لكن ما الذي تضمنته بنود الاتفاق؟ وما الخطوات المنتظرة خلال الساعات والأيام المقبلة؟

منذ الساعة الثانية عشرة ظهرًا، بدأت الهدنة رسميًا، على أن تصادق حكومة الاحتلال على الاتفاق داخل الكنيست في تمام الرابعة عصرًا. عقب ذلك، من المقرر إعلان خريطة الانسحاب وفق المرحلة الأولى، ونشر قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم تباعًا، تمهيدًا لبدء الانسحاب الميداني في ساعات المساء باتجاه المناطق التي حددتها “خطة ترامب”.

يستمر الانسحاب حتى يوم السبت، حيث من المقرر أن تُعدّ المقاومة الفلسطينية الأسرى الإسرائيليين الأحياء وجثامين القتلى لتسليمهم إلى الجانب الإسرائيلي، في خطوةٍ تعكس التزامًا متبادلًا بالاتفاق الإنساني المبرم.

ووفق المعلومات المتداولة، سيزور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مصر الأحد المقبل لتوقيع الاتفاق رسميًا، قبل أن يتوجه إلى تل أبيب لإلقاء كلمة داخل الكنيست. أما يوم الإثنين فسيشهد بدء عملية تبادل الأسرى بإشراف مصري–قطري–تركي، مع انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال من المعابر وبدء إدخال ما لا يقل عن 400 شاحنة مساعدات يوميًا، على أن يرتفع العدد تدريجيًا.
بهذه الخطوات، تكون الحرب قد طوت نحو 90% من أسبابها الميدانية والسياسية.

لكن الأنظار تتجه الآن إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وهي الأهم والأكثر حساسية، كونها تتعلق بمستقبل المقاومة الفلسطينية ووجود حركة “حماس” في قطاع غزة.

بحسب تقرير لشبكة CNBC، فإن “اتفاق ترامب” يتضمن 20 بندًا، تشمل خططًا لإعادة إعمار القطاع، وتبادل الأسرى، وصولًا إلى نزع سلاح المقاومة. غير أن وكالة رويترز نقلت عن مصادرها أن المقاومة رفضت بشكل قاطع بند التخلي عن السلاح رغم الضغوط الخليجية، وهو ما دعمته القاهرة بشكل واضح. وتم بالفعل تجميد هذا البند مؤقتًا، مع طرح صيغة لاحقة لتسليم السلاح تدريجيًا إلى السلطة الفلسطينية بعد تشكيل حكومة تتولى إدارة شؤون القطاع.

أما بشأن الجهة التي ستدير غزة، فتشير الخطة الأميركية إلى إنشاء ما يسمى بـ”مجلس السلام”، يضم إشرافًا عربيًا برئاسة شرفية لترامب، وإدارة تنفيذية لتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق.
لكن المقاومة رفضت هذا المقترح أيضًا، وأكدت أنها لن تسلّم حكم غزة إلا لحكومة تكنوقراط فلسطينية مدعومة عربيًا وإسلاميًا، وهو الموقف الذي تدعمه القاهرة بقوة، ويبدو أنه الاتجاه الذي يحظى بالتوافق بنسبة كبيرة داخل المفاوضات الجارية.

الخلاصة أن ما يُنفذ الآن يعكس بدرجة كبيرة الرؤية المصرية لوقف الحرب، والقائمة على إدارة القطاع عبر حكومة فلسطينية مستقلة تمهّد لإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة.
ورغم ذلك، لا تخفي حكومة الاحتلال انزعاجها من هذا المسار، الذي يعتبره البعض داخل إسرائيل تهديدًا سياسيًا مباشرًا لبقاء نتنياهو في الحكم، خاصة بعد أن ظهر أمام الرأي العام الإسرائيلي بصورة “المنهزم” الذي فشل في تحقيق وعوده بالقضاء على المقاومة أو تنفيذ خطة التهجير إلى مصر.

ويرجّح مراقبون أن يحاول نتنياهو إشعال جبهة جديدة مع إيران لصرف الأنظار عن هزيمته الداخلية، خصوصًا مع تصاعد التقديرات العسكرية لاحتمال اندلاع مواجهة في المنطقة خلال الأسابيع المقبلة.

وفي الختام، تبقى التهاني للشعب الفلسطيني الذي صمد في وجه آلة الحرب، وخرج مرفوع الرأس رغم الجراح. إنها خطوة أولى نحو السلام العادل وإنهاء المعاناة، لعلها تكون بداية النهاية لمسار طويل من الألم، وبداية عهد جديد عنوانه الكرامة والحرية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى